BLOGGER TEMPLATES AND TWITTER BACKGROUNDS »

Friday 1 August 2014

صاحبة السعادة - 1


 يحكي أن في سالف تاريخ الامم والحضارات، كانت هناك مدينة تعيش حياة رتيبة مثلها مثل سائر المدن، حتى جاء ذاك اليوم الذي ألمت بهم فاجعة موت حكيم المدينة، وكيف لا وهو الذي استطاع ان يجمع شتات أسرها المتناحرة على السلطة والنفوذ ووحدهم تحت  امرته، باستخدام مهاراته السحرية التي تعلمها من كهنة المغرب وتعاويذهم التي اشتهروا بها في غرب القرن الافريقي

وبموته، عرف الجميع للحزن طعما .. فقد ألفوا استقرارا وراحة كانت لهم بمثابة درب من دروب السعادة التي لم يعتادوها وجعلتهم يعيشون جمبا الى جمب لعدد من السنين وفير
ولكن هيهات ان تعود اليهم رائحة السعادة، فما من احد قد ورث فنون السحر تلك التي سرت بين طرقات هذه المدينة وتاثر بها كل قاطنيها طوال الفترة السابقة، وقد استأثر بعلمها حكيم المدينة حتى يظل الامر في حوزته وحده، وقد مات ودفنت حباله السحرية معه

وحينئذ .. عادت القرية الى نقطة الصفر، فبفعل التاثير السحري لم يذكر احدهم سببا للشحناء الماضية قبل ان يتم سحرهم، ولكن في نفس الوقت غابت عنهم السعادة فاصبحت حياتهم حيادية لا ايجاب بها ولا سلب، ما من امر يسعدهم، ولم يتبق في حوزتهم الا الحزن المكنون لسحر زعيمهم المفقود

وبعد ان رحل زعيمهم، كان من نصيب آخرون ان يحلوا ضيوفا جددا على هذه الدنيا

فقد ولدت مولودة جديدة لاحد اسر القرية .. أسمَوها "قوت القلوب" وولد لاسرة أخرى أسموه " نور" .. جائوا الى هذه الدنيا وليس لهم علم بما كان من ماضي أبائهم واجدادهم المتناحرين ولا امر السحر الخاص بزعيمهم الفقيد .. فجائوا على فطرة سعيدة تسكن الى كل ما هو من ابداع رب الكون فحينا يسعدون اذا ما رأووا مطرا ينساب، وحينا يبتسموا اذا ما رأووا ضوء النجوم

ونشأ الطفلان وبقية الاطفال وسط كبار تعساء، فتعلموا منهم الاحرف ونطق الكلام .. وقد تقابلا ولعبا سويا ومرحا لبعض من الوقت  كعادة اطفال القرية الصغيرة في باحاتها تلك المهيئة للركض والحفر على الرمال والاختباء
ولكن مع الوقت، بدأ أثر اهل القرية التعيس وطبائعهم يزدادون رؤية ووضوحا لدى الاطفال جميعهم، بيد ان الطفلين لم يمنعهم هذا من ان يحافظا على رابط فطري من السعادة بينهما كما اعتادا ان يلعبا ويمرحا بفطرتهما فيما سبق

ولكن مدى تاثرهما بمن حولهم قد اختلف فيما بينهم

فها هو نور قد بدأ يتطبع بطباع حزينة لا يعلم فيها للسعادة دروبا كثيرة كما اعتاد من قبل في طفولته، فقد كان قديما يفعل كل شيء بروحه السعيدة، ولكن الان فلا، صار يعلم انها امورا روتينية تملا الحياة ولا اهمية للسعادة ان تسكنها، فهي حياة سيعيشها ويموتها كما ماتها كل من كان يسكن قريته، وكما رأى ان نصيب اهله جميعا هو الحزن، افيختلف هو عنهم؟

بينما قوت القلوب، أبت طبيعتها الانثوية الذاخر قلبها بالمشاعر الفطرية الفياضة الا ان تتمسك بحب السعادة، فتحتوي حزن من حولها وتحوله الى بهجة في قلب كل من يقابلها او يتعامل معها، فيتغير حاله امامها وفي حضورها، ثم قد يعود الى الحزن اذا ما انصرف عنها، فهي بطبيعتها وقوة تحملها لم ترى للحزن بابا فسارت تسكب سعادة في قلوب الجميع، فهي القوت الذي يذكرهم بماهية الحياة السعيدة التي حكى عنها وعاشها من تاثروا بالسحر قديما

ذاع صيتها مع زيادة عمرها واداءها المتصاعد لواجبات اهلها وعائلتها في المدينة، فصارت المدينة تسمع في كل حدب وصوب فيها عن قصة الفتاة التي تحتفظ بداخلها بسرا من اسرار السعادة، يتاثر به ويشعر به متسللا في قلبه كل من اقترب منها، او تحدث اليها ولو لبرهة من الوقت صغيرة
وكانت هي بالمقابل تتجدد طاقتها وتستمدها من ابتسامات الناس والضحكات التي رسمتها على وجوههم فتحصل على طاقة تعينها على ان تسعد اشخاصا اخرين وان تستمر في سعيها هذا

منذ ذلك الحين، علمت هي ان لها رسالة في هذه الحياة ودورا يختلف عن كل سكان القرية، علمت انها قد رزقت حب الناس والقدرة على نشر السعادة في قلوب من يحيطون بها ويتعاملون معها، وصارت سببا من اسباب قوى الطبيعة في رسم البسمة على وجوه من تقابلهم من كل صوب وحدب .. واستعاد اهل القرية ايمانهم في ان هناك سببا غير السحر قادر على ان ينشر السعادة في قلوب الناس

ثم حدث ما لم يتمناه اهل القرية ولم تتوقعه هي

...

يُتبع

31/07/2014

0 COMMENTS: